تاريخ شمال إفريقيا مرتبط بهجرات بشرية كبرى
اجتاحت المنطقة على مر العصور ولعل أقدمها هو الشعب الامازيغي الذي لا زال حاضرا
في لغاته وعاداته الأصيلة رغم تأثره بثقافات شعوب أخرى مثل العرب والأتراك والأوربيين
وغيرهم لكن التأثير القادم من الشرق كان هو الأقوى الشي الذي دعا مجموعة من
الباحثين بالقول أن الامازيغ أصلهم من الشرق وبالضبط من اليمن لكنها تبقى مجرد
افتراضات لا أساس لها من الصحة لم يعرف عن شمال إفريقيا شي قبل الاكتشافات
الفينيقية للمنطقة فقد كان هناك مجموعة من المجتمعات المحلية تكبر وتصغر ولم يكن
لها نظام سياسي موحد ولذا سوف نتطرق لتاريخ الفينيقيين وحضارتهم ولغتهم وتأثيرهم
في منطقة البحر الأبيض المتوسط
1)أصل الفينيقيين
هم شعب سامي يعتقد أن أصلهم
من منطقة الخليج العربي قبل أربعة ألاف سنة قبل الميلاد وهناك من الآثار ما يدل
على أنهم مروا من هناك قبل استقرارهم في منطقة كنعان أي لبنان الحالية وفلسطين
وشمال غرب سوريا كان اتصالهم بالبحر كبير جدا وكانوا سادة البحر في زمانهم فقد وجدوا
في منطقة ساحلية منفتحة على البحر وبها غابات من أشجار الأرز ذو الجودة العالية في
صناعة السفن و تسامحهم مع الشعوب الأخرى
ما جعلهم مقبولين ومحبوبين لديهم س ما أدى
إلى انتشار ثقافتهم بغرب البحر الأبيض المتوسط
2)ابرز تأثيرات الفينيقيين
يرجع الفضل إليهم في ابتكار الأبجدية الفينيقية والتي صارت أم الأبجديات
كلها كالعربية واليونانية والعبرية واللاتينية وغيرها ,كان لاختراع الأبجدية اثر
كبير على تطور الحضارة البشرية كلها ,طبعا فالبعض يعتبرها مسلمات لكن قبل
الفينيقيين كان نظام الكتابة يعتمد على الرموز وكان يستحيل آن ذاك تخزين معلومات
صوتية وإنما تخزين معلومات على شكل صور مثلا كان نظام الكتابة المسماري السومري
وكان النظام الهيروغليفي المصري و عدة أنظمة أخرى كلها تعتمد على ترميز صوري وليس صوتي ,وفي مجال
التجارة كانوا الأبرع فقد استخدموا المبادلات بالمقايضة وكانوا في الغالب يقايضون
الفضة والنحاس والذهب لأنهم يحتاجونها في
في الصناعات المعدنية فلقد كانوا خبراء في السباكة ,أما نظام المقايضة هذا فقد
استبدلوه بالنظام التجاري الحالي أي نظام العملة و لهم سابقة في ذلك ,وبفضلهم
انتقلت مجموعة من النباتات إلى غرب المتوسط وأوروبا مثل الزيتون والكروم والتين
والنخيل وغيرها ما لم يكن موجودا في هذه الأرض وكانوا أول من استخرج الزيت من
الزيتون حتى الخمور فقد برعوا في صناعتها
وتصديرها أما مجال صناعة السفن والملاحة في البحر فلقد كانوا الرائدين فيها بدون
منازع وهم سادة البحر في العالم القديم
3)تأسيس مدينة قر طاجة والمستعمرات الفينيقية في غرب المتوسط
تعتبر قرطاجة أهم مستعمرة للفينيقيين واهم مدينة خارج فينقيا واللفظ الأصلي هو( قريت حدشت )أي القرية
الحديثة وهناك حكاية تروي كيفية تأسيسها حيث يقال أن ملكة تدعى عليسة التي هربت من
موطنها الأصلي في صور بعد أزمة خلافة تلت وفاة والدها الملك ماتان الأول في القرن
الثامن قبل الميلاد و كبرت قرطاج لتصبح أكبر و أقوى مدينة في غرب المتوسط. و عندما
تم احتلال موطن الفينيقيين من طرف البابليين الجدد، أصبحت قرطاج الرائد الرئيسي
للفينيقيين المستقلين و كانت غالب المستعمرات الفينيقية في غرب المتوسط تدين لها
بالولاء. و استطاعت قرطاج أن تصبح إمبراطورية بحرية عظيمة في شمال إفريقيا، وصقلية
الغربية وسردينيا وكورسيكا واسبانيا
4)سبب اختيارهم لموقع قرطاجة
توجد قرطاجة في أحد أجمل المواقع في
العالم في موقع يقدم لها العديد من المزايا كافية لتطورها كعاصمة و لحماية مجدها
الصاعد . لم يتغير المنظر منذ العصر الزاهر للمدينة فاليوم كذلك السماء و البحر يلتقيان
على أفق ذي زرقة أكثر شفافية مما يبدو في الجزر اليونانية ,وهذا الموقع كما
هو ضاهر جاء في وسط البحر المتوسط فالفينيقيون كانوا على خبرة عالية في الحسابات
البحرية فالسفن في الغالب كانت تمر من المحور الشمالي وقلما تمر عبر الساحل الإفريقي
أي كانت تمر من قرطاجة إلى صقلية ثم الجزر اليونانية فتمر عبر كريت ثم قبرص وأخيرا
الساحل الفينيقي طبعا لم يكن هذا هو الخط الوحيد وإنما الرئيسي فمعروف أنهم كانوا يجوبون البحار
العالمية المعروفة في ذلك الزمان بحثا عن بضائع جديدة لترويجها داخل السوق
المتوسطي اما عن جهة الغرب فهناك الخط الساحلي الإفريقي في اتجاه جبل طارق الذي
كان يسمى مضيق هرمز والخط البحري عبر سردينيا ثم كورسكا فالساحل الأوروبي الغربي
من هنا نجد أن جميع هذه الخطوط الأربعة تلتقي في قرطاج هذا علاوة على انه كانت
هناك قوافل تأتي بالبضاعة الإفريقية من جنوب الصحراء في اتجاه المدينة ومنها تحمل
في السفن لتبحث عن أسواق جديدة
5)تأسيس الإمبراطورية القرطاجية
كان واضحا أن الفينيقيين لن يستمروا كدولة
في الشرق نضرا لضعفهم في مجال الحرب وكذلك لأنهم لم يستطيعوا تكوين كيان موحد
فكانت كل مدينة تحكمها أسرة معينة فهذه الأسر
في الغالب ما كانت تدفع الجزية مقابل الحماية فقد نعموا بالأمن تحت حكم النظام الأشوري
ثم الفارسي الذي كان على درجة من التسامح مع الشعوب الاخرى غير أن الاحتلالات
المتتالية لبلدهم أدى إلى عدم استقرارهم سياسيا واقتصاديا من هنا بدأت قرظاجة
تستقل عن الشرق اثر هروب عدد كبير من الأسر إليها واستقرارهم في المدينة وبعض
المدن الفينيقية الاخرى فبالرغم من أن قرطاجة كانت مزدهرة اقتصاديا وكانت أغنى مدن
غرب المتوسط إلا أنها كانت غير مستقلة سياسيا قبل هذه المرحلة وكان مركز اتخاذ
القرار هي مدينة صور بلبنان
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق